أنشودةُ الحربِ والخلود


أنشودةُ الحربِ والخلود

-نثيرة- 

مصطفى الشيمي




لوحة للفنان التشكيلي العراقي محمد سامي





في الحرب

لابد من طفل صغير
يعدو متأخرا دوما
على أمل الوصول
-قبل خيول العدو-
إلى بوابة المدينة
هذا الطفل لا يصل
ولا يضل الطريق
بين أشجار الغابة
لا يرشده دخان الحريق
وهو يعرج للأعلى
بالأشارات وبالرموز
يسقط هناك صريعا
بجوار شجر الموز
لأن نصل السيف
 أسرع من الأحلام


 "خلود"
 هل يشتهي الموتى
 غير فراشة زرقاء
 تحملهم على جناحيها
 وترسمهم
في انعكاس السماء
 على مرايا النهر؟


كنت هناك
 أراقب ذاك الصغير
 وهو يعدو
 من ذاكرة الهزيمة
 ولم أخطو إلى الأمام
 -في رقعة الشطرنج-
 فلا يليق بي
 خرافة الفارس المقدام
 جيشان يقتتلان
 والجنود عرايا
 والغنيمة..
 القليل من ورق التوت




"خلود"
 اليوم ما أشبهني
 بهذا الموت
 المحاصرللبيوت
 وللعذارى وللورود
 إنني مع كل ثائر
 غير أني في المساءِ
 أهرب إلى المنزل
وأعتصرُ الجرح والبلحَ
من أجل كأس من الخمرِ




يمر أمامي طيف فتاة
 لا أعرف ملامحها
وأين يقطن بيتها
وأين يكمن جرحها
وأرجوحتها ..
لابد أنها ماتت منذ سنين
لأن عيناها مليئتان بالحنين
 كانت تغني ببراءة
 أغنية أندلسية
 كأن لا يصلها
 هذا الغبار والصليل
 والصهيل والدمار




 "خلود" 
حفار القبور
هو الرابح الوحيد
كلما امتلأت القبور
بالضحايا 
عاد نضرا 
وشابا وسيما من جديد


ولكم وددت لو عدت
من الحرب منتصرا
فوجدتك في البيت
تطيبين الجراح بقبلة
وتأمرين الرياح
أن تغسل التاريخ
فيعود الليل ليلا
ويموت هذا الصريخ
خلود .. ارقصي لي
برري باسمك هذا الوجود 
غدا ..لن يبقى في الكون
 سوى صوت أغنيتك 
وصوت هذا العود

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة